الحمل

مشاركة مميزة

لنشر في الموقع

  تربويات   لنشر في الموقع راسلونا علي الموقع الالكتروني: akhbaz.88@gmail.com  او الاتصال علي الرقم الهاتفي رقم : 0611323542

وظائــف المدرســة:
يرى إميل دوركايم بأن وظيفة المدرسة تقوم على وظيفتي الحفاظية والمحافظة، والتشديد على جدلية الماضي والحاضر.بمعنى أن المدرسة وسيلة للتطبيع، وإعادة إدماج المتعلم داخل المجتمع. أي: تقوم المدرسة بتكييف المتعلم، وجعله قادرا على الاندماج في حضن المجتمع. إذاً، تقوم المدرسة بوظيفة المحافظة والتطبيع، ونقل القيم من جيل إلى آخر عبر المؤسسة التعليمية.ويعني هذا أن المدرسة وسيلة للمحافظة على الإرث اللغوي والديني والثقافي والحضاري، ووسيلة لتحقيق الانسجام، والتكيف مع المجتمع.أي: تحويل كائن غير اجتماعي إلى إنسان اجتماعي، يشارك في بناء العادات نفسها التي توجد لدى المجتمع.وهذا يؤدي إلى أن تكون المدرسة مؤسسة توحيد وانتقاء واختيار.ويعني هذا أن المدرسة توحد عبر التكييف الاجتماعي، ولكنها تميز بين الناس عبر الانتقاء والاصطفاء.ومن ثم، فالوظيفة الأولى للمدرسة هو زرع الانضباط المؤسساتي والمجتمعي.ويرى مارسيل بوستيك:" بأن كل نظام مدرسي يتسم بسمة المجتمع الذي أنشأه.وهو منظم حسب مفهوم التصور المعطى للحياة الاجتماعية، ولدواليب الحياة الاقتصادية، والروابط الاجتماعية التي تحرك هذا المجتمع.ولهذا، حلل علماء الاجتماع بصورة مباشرة أو غير مباشرة الصلات بين العلاقة التربوية والنظام الاجتماعي، نظرا لأنهم يعدون التربية بمثابة مؤسسة، مهمتها تكييف الشباب مع حياة الجماعة بواسطة إجراءات معقدة الاستنباط."
ومن جهة أخرى، هناك من يرى بأن وظيفة المدرسة لا تقتصر على وظيفة المحافظة، بل تهدف إلى التغيير والتجديد والتطوير والتحرير. و هناك من يرى أيضا بأن وظيفة المدرسة هي الإعلام والتكوين، أو قد تكون وظيفة التطبيع الاجتماعي. وهناك من يرى كذلك بأن المدرسة لها وظيفية سياسية أو إيديولوجية:" يمكن اعتبار هذه الوظيفة الإيديولوجية وجها من وجوه الوظيفة التطبيعية العامة.وذلك على الأقل، لأن الوظيفة الإيديولوجية ، تعتمد فيما تعتمد عليه، على المنظومة المعرفية، إلا أنها تعتمد عليها لا من حيث هي معرفة بالعالم أو الكون، بل باعتبار هذه المعرفة بمضمونها خصوصا، تعمل على تكوين اتجاه فكري خاص في الطفل، يميل إلى تركيز التحامه بمجتمعه.ومن هنا، تجد القيم السياسية والمذهبية والدينية...الخاصة بالمجتمع طريقها لتلوين المنظومة المعرفية، ونزع طابع الحياد عنها، فمفهوم الوطن والدولة ونوعية النظام السياسي في المجتمع...على الرغم من أنها تأتي أحيانا مصاغة في مواد محددة كالتربية الوطنية أو الدينية والأخلاقية، فإنها مع ذلك تجد طريقها أيضا ضمن المواد العلمية ذات الطابع المحايد أيضا.فالتاريخ أو الجغرافيا، على الرغم من الطابع الموضوعي، تكون فرصة لتثبيت الاعتزاز بالذات الوطنية والأمة وغيرها.
إن الدعوات القائمة على انتقاد الوظيفة الإيديولوجية للمدرسة، منطلقة من مبدإ الالتزام بقضايا الطبقات الاجتماعية المتواضعة والمسحوقة، وبقضايا التحرر الاجتماعي، بما فيها حقوق الطفل أو المرأة، وهي بذلك تستحق التنويه، ويمكن الاستفادة منها، بما يطور الوظيفة الإيديولوجية للمدرسة ، دون أن يلغيها...
وإذا اعتبرنا الظروف الخاصة ببلدان العالم الثالث حيث لا تزال مجتمعاتها في كثير من الحالات بعيدة عن كيان الدولة بمعناها الحقيقي، وما تزال، بالتالي، قائمة في تنظيمها على القبيلة والعشيرة ، فإننا ندرك أن الوظيفة الإيديولوجية للمدرسة باعتبارها عامل توحيد وتنظيم ما تزال مرغوبا فيها من هذه الناحية، كما أنها ماتزال مرغوبا فيها من ناحية المنظومة المعرفية، نظرا لمستوى التخلف، وتفشي الأمية."
في حين ، يرى كل من بيير بورديو وباسرون بأن المدرسة ذات وظيفة صراعية، تعكس بكل جلاء التطاحن الاجتماعي، والتفاوت الطبقي، وتعيد لنا إنتاج الورثة ؛لأن النظام التربوي:"يتطابق كل التطابق مع المجتمع الطبقي، وبما أنه من صنع طبقة متميزة تمسك بمقاليد الثقافة. أي: بأدواتها الأساسية (المعرفة، المهارة العلمية، وبخاصة إجادة التحدث)، فإن هذا النظام يهدف إلى المحافظة على النفوذ الثقافي لتلك الطبقة. والبرهان الذي قدمه هذان المفكران يبرز التناقض بين هدف ديمقراطية التعليم الذي يطرحه النظام، وعملية الاصطفاء التي تقصي طبقة اجتماعية ثقافية من الشباب، وتعمل لصالح طبقة الوارثين."
ويترتب عن هذا، أن المدرسة الوطنية هي مدرسة غير ديمقراطية، تخدم مصالح الطبقة الحاكمة والأقلية المحظوظة. وما التعليم العمومي، والتعليم الخصوصي، والتعليم النظري، والتعليم المهني، سوى تعبير عن تكريس التفاوت الاجتماعي، وتحويل المؤسسة التربوية إلى فضاء للتمييز اللغوي والعنصري، ومكان للتطاحن الاجتماعي، والتناحر الطبقي، والتمايز اللغوي.
وإذا كان إميل دوركايم ينطلق من رؤية محافظة في تحليل النظام التربوي في علاقته بما هو اجتماعي وسياسي، فإن لوي ألتوسير L.Althusser يرى بخصوص:" التقنيات والمعارف، أنه يجري في المدرسة تعلم قواعد تحكم الروابط الاجتماعية بموجب التقسيم الاجتماعي التقني للعمل.
كما يقول بأن النظام المدرسي، وهو أحد أجهزة الدولة الإيديولوجية، هو الذي يؤمن بنجاعة استنساخ روابط الإنتاج، عن طريق وجود مستويات من التأهيل الدراسي، تتجاوب مع تقسيم العمل، وعن طريق ممارسة الإخضاع للإيديولوجيا السائدة.إن المسالك الموجودة في المدرسة هي انعكاس لتقسيم المجتمع إلى طبقات، وغايتها الإبقاء على الروابط الطبقية."
هذا، ويرى بودلو (C.Baudelot ) وإستابليه( R.Establet ) بأن المدرسة إيديولوجية وطبقية وغير ديمقراطية، تكرس التقسيم الاجتماعي لوجود: " شبكتين لانتساب الطلاب إلى المدارس، يحددهما الفصل بين العمل اليدوي والعمل الفكري، ثم التعارض بين طبقة مسيطرة، وأخرى خاضعة للسيطرة".
وبما أن المدرسة الليبرالية مدرسة طبقية وغير ديمقراطية ، فإنها في الدول المتخلفة والمستبدة تكرس سياسة التخلف والاستعمار، وتساهم في توريث الفقر والبؤس الاجتماعي؛ مما جعل إيفان إليتش( Ivan Ilitch ) يدعو إلى إلغاء هذه المدرسة الطبقية غير الديمقراطية في كتابه: (مجتمع بدون مدرسة).
فنظرية موت المدرسة - حسب غي أفانزيني- هي في الحقيقة نظرية :" تأثرت تأثرا كبيرا بالعوامل الجغرافية التي أحاطت بها، والتي قد تجعل منها نظرية صالحة لبلدان أمريكا اللاتينية، غريبة كل الغرابة عن المنطق التربوي للغرب. لاسيما أننا نجد فيها بعض التساؤلات التي تؤيد مثل هذا التفسير الذي يقصرها على بلدان بعينها، ذلك أن السيد إيليش ينزع أحيانا إلى القول بأن المدرسة ملائمة للعصر الصناعي، وأنها من إرث هو مخلفاته، وينبغي أن تشجب فقط في البلدان المتخلفة، حيث لاتستطيع أن توفر الانطلاقة اللازمة لها، وحيث يكون حذفها شرطا لازما لحذف الاستعمار، والقضاء عليه، على أنه في أحيان أخرى يطلق أحكاما تنادي بالقضاء عليها قضاء جذريا، ويرى فيها مؤسسة بالية أنى كانت".
وعلى أي حال، إذا استكشفنا واقع المدرسة المغربية، فيلاحظ أنها مدرسة محافظة، تكرس قيما ثقافية واجتماعية ووطنية متوارثة من جيل إلى آخر. وبالتالي، تعج هذه المدرسة بمجموعة من التناقضات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية؛ بسبب غياب الديمقراطية الحقيقية، وانعدام المساواة والعدالة الاجتماعية، وإعادة إنتاج الورثة والطبقات الاجتماعية نفسها، وغياب منظومة حقوق الإنسان ممارسة وسلوكا؛ نتيجة لغياب الرؤية الإبداعية في تسيير دواليب المجتمع على جميع الأصعدة والمستويات.

0 التعليقات Blogger 0 Facebook

إرسال تعليق

 
تربويات © 2014. جميع الحقوق محفوظة. نقل بدون تصريح ممنوع اتصل بنا
Top